في مساء يوم من الأيام خرج عم حسنين لري أرضه كما اعتاد ريها في الليل ، وكان الجو حارا وخرج برفقته صديقه وجاره " عم عيسى "

 في مساء يوم من الأيام خرج عم حسنين لري أرضه كما اعتاد ريها في الليل ، وكان الجو حارا وخرج برفقته صديقه وجاره " عم عيسى "
المؤلف معلومات وقصص مفيدة
تاريخ النشر
آخر تحديث


 



في مساء يوم من الأيام خرج عم حسنين لري أرضه كما اعتاد ريها في الليل ، وكان الجو حارا وخرج برفقته صديقه وجاره " عم عيسى " 


وبدأوا في تشغيل ماكينة الري وبدأ الماء يغمر الأرز ، القمر مكتمل وكأن الليل استحال نهارا من شدة نور القمر ، وقف " عم حسنين " بجانب صديقه متسائلا :

منذ أن كنت صغيرا وهذه الأرض تجف بسرعة من الماء ، وحكى لى أبي وجدي قديما عن ذلك ، ولا أعرف سببا لهذا بالرغم أن الأرض الطينية تحتفظ بالماء والأراضي حوالينا لا تجف بسهولة ؟

 ابتسم " عم عيسى " وقال لابد أن الأرض تربتها حامية أو تسرب الماء مرة أخرى للريّاح . 

وبينما هما كذلك ، مر عليهم رجل كانا أول مرة يريانه ، ووقف أمام الأرض وهما يتابعانه وفي قرارتهما ربما غريب عن البلد ويريد أن يسأل عن شيء ، أقبل صاحبنا عليهما وقال لهما : لمن هذه الأرض ؟ 

رد " عم حسنين " لي هل أساعدك في شيء ؟

صمت الرجل وأغمض عينيه لدقيقة وقال : 

هذه الأرض تحتها كنز عظيم وشعرت به بمجرد المرور على الأرض ولو استطعنا إخراجه ستكون أغنى رجل في العالم ، وأنا سأظل في البلد لمدة يومين ما رأيك ؟ 

رد عليه عم حسنين في غضب : اسكت يا رجل سيبك من التخاريف هذه .

وانصرف الرجل وهو يقول : فكر فيما قلت لك ولمح في عين " عم عيسى " قبولا وتطلعا فوجه له الكلام وقال : 

أقنع صاحبك فلن أظل طويلا في القرية حيث سأكون في ضيافة عائلة المرزوقي وأنتم جميعا تعرفونهم .

انصرف الرجل وقال عم عيسى لصاحبه : 

ماذا ستخسر ؟! نجرب ، وأظن حكاية جفاف الأرض وراءها الكنز هذا .

قاطعه عم حسنين وقال :

 لا لن أفعل سأخسر أرضي ولن أسلم من الناس ، وانس هذا الكلام ولا تحدث به أحد .

وفي الصباح كان " سالم المرزوقي " في طريقه إلى منزل عم حسنين ليبلغه برأيه في كلام الشيخ له أمس .

صمت عم حسنين ولم يجب وأخذ يرتب الكلام في رأسه قبل أن ينطقه لأن تلك العائلة هي من أغنى عائلات البلد ومعروف عنهم الإجرام و عدم طاعة القانون وجريهم خلف الأثار وغيرها الكثير وكم من مشكلة أثاروها في البلد . 

ولكنه قال : لا لن أفعل ولا أريد شيئا من هذا الكلام أسمعه مرة أخرى .

وأسرع عم حسنين ليسأل عن صديقه فلم يجده وسأل زوجته فقالت خرج إلى دوار أولاد المرزوقي . فأحس أنه خانه ولكن عزم أن يحمي أرضه .

وفي الليل كان الشيخ الغريب قد أقنع أولاد المرزوقي بضرورة التحرك فلا داعي أن يقف أمامهم شيء وحراس الكنوز إن وجدوا على كنز أو مقبرة فمطالبهم في الاستطاعة في هذا الوقت من العام ، حيث لا يطلبون إلا مطالب خفيفة . وفعلا اقتنع الجميع بذلك وعقدوا أمرهم على الذهاب بالليل وليكن ما يكن من أمر عم حسنين .

وكان عم حسنين قد سبقهم إلى هناك وانتظر بأرضه ، وفجأة ظهر الجميع ووقف أمامهم عم حسنين وقال رافعا منجلا حديديا : 

من سيقترب سأقتله ولكن الكثرة من الرجال انهالت عليه ضربا وأمسكوه وشدوا وثاقه بالحبال .

وشرع الشباب منهم في الحفر حتى وصلوا لعمق مترين فوجدوا بابا حاولوا رفعه بقدر المستطاع ولكن كان صعبا جدا ، فنزل الشيخ الغريب وأخذ يتمتم بكلمات غير مسموعة حتى قال : حسنا ارفعوا الباب .

واستطاع الشباب أن يرفعوا الباب وأخذ الشيخ مصباحا وأضاءه وصرخ وقال :

 النوارق النوارق وخرج مسرعا من الحفرة .

" المجهول "

خرج الشيخ الدجال من الحفرة وهو يصيح : النوارق النوارق ،

النوارق في لغة المختصين بالدجالين والسحرة تعني أعتى حراس الجن وإذا ظهروا في بلد ما بسبب الحفر أو التنقيب عن الأثار أو الكنوز فمعنى ذلك أن الخراب والدمار حل على هذه البلد .

الكل ينظر في الحفرة وإذا بكمية خفافيش رهيبة تخرج من الحفرة وعقارب سوداء كبيرة قد غطت الحفرة كاملة ، وإذا بدخان يخرج وأحاط بالشيخ الدجال وغطاه عن الجميع فانطلقت عليه الخفافيش تحوم حوله حتى شكلت سحابة سوداء عليه والعقارب تسللت داخلها وفجأة انقشع الدخان وكفت الخفافيش عن الطيران حول الشيخ ، 

وإذا به هيكل عظمي، فهرب الجميع وتركوا الحفرة مفتوحة وبينما هم يهربون استغاث بهم "عم حسنين " ، ولكن الكل كان في فزع فالكل لا يريد إلا النجاة بنفسه بعد رؤية ماحدث للشيخ . ولكن أنقذه شاب منهم وحل وثاقه وهرب الجميع للقرية .

 الكل مفزوع إلى بيته يدخله في هلع ، و عم حسنين ذهب إلى بيت صاحبه " عيسى " ليوبخه على فعلته فخرج وبعدما سمع ما قاله بصوت عالٍ والناس قد استيقظت على صوته وتجمعت . أقسم عيسى أنه ليس له علاقة بذلك وما ذهب إلى عائلة المرزوقي إلا لأقنعهم بعدم التعرض لك. وكان هناك شاب يستمع مع الناس فقال للجميع : 

حكى لى جدي عن حادثة وقعت منذ زمن بعيد وذكر لي كلاما عن النوارق وهو في المنزل الآن . 

أسرع الجميع إليه ووجدوه نائما وقام إليهم ، وحكوا له عما حدث ولكن وجهه تغير تماما ، وقال سيعم الخراب على القرية بأكملها وأمامنا ثلاثة أيام لينتشر الدخان والعقارب والخفافيش في القرية ويظهر خلفهم قوادهم . رد عليه عم حسنين مندهشا :

ولكن حفيدك قال أنك حكيت له عن حادثة حدثت في البلد منذ زمن بعيد كيف تغلب الناس عليها ؟

 قال وهو يرفع رأسه للأعلى مشيرا إلى ناحية الجبل خلف البلدة وقال: 

 أجل مافي غيرهم" الأرقاش" حراس الأرض منذ قرون يعيشون خلف الجبل هم من سينقذوننا كما أنقذوا القرية قديما فهم يتوارثون حماية الأرض من مخلوقات باطنها ، وأمامنا يوم أو يومان كي تستطيعوا الوصول لهم ، ولكن على الجميع أن يحمل زاد يكفيه فترة هو وأولاده ولا يبيت إلا فوق منزله وفي الصباح يرعى شؤونه ومواشيه لأن النوارق لا تظهر إلا بالليل ، ولكن ادعوا الله أن نعثر على الأرقاش سريعا . والناس سمعوا الكلام في اليوم الأول والكل استطاع أن يرى ما يحدث في الأرض والدخان الذي أوضحه نور القمر وكانت الرؤية متاحة للجميع ولكن ما زاد الطين بلة ، أن عائلة المرزوقي استدعوا دجالين وأتوا بهم في بيوتهم التي تقع في مدخل القرية وبدأ الناس يحذرونهم ولكنهم كانوا يتجاهلون ويهددون أي أحد يحاول منعهم بالقتل . لذلك تركوهم وشأنهم ولكن أتت ليلة شديدة الظلمة على القرية .

 الناس فوق أسطح منازلهم يترقبون ، وخرج الدجالان في طلب الحفرة ولكن هذه المرة خرجت نار من الحفرة أضاءت الليل وتشكلت على هيئة شبح ذو قرون وكأنه وحش أسطوري، ولكن فجأة شق سكون الليل صوت شيخ المسجد وأخذ يرتل بأيات الله البينات في المكبر وفجأة تحول الشبح كسهم ناري قام بالدوران فوق مكان الحفرة ثلاث مرات ثم غاص فيها ، وهبطت النيران ، ولم يعد الدجالان من الأرض ولم يجروء أحد من القرية على الذهاب لتلك الأرض أو حتى جانبها ، وعنف البعض في الصباح عائلة المرزوقي وأفرادها ولكن كبيرها ولكن كبيرهم هدد الجميع وقال : 

لا أثق في كلام الرجل الخَرِف العجوز ولا حكاية حراس الأرض ولا غيرهم وجميع العائلة ستستعد بالبنادق وسوف نستدعي شيوخ مغاربة نعرفهم وسيأتون إلينا كي نهزم تلك الأشياء ونحصل على الكنز .

الناس زاد رعبهم وخاصة أن عصر اليوم الثالث قد ولى ، وها هو الليل يقبل والمسجد يستعد ليقيم الصلاة ولم يأت أحد من الأرقاش كما قال الرجل العجوز ، والناس بدأت قلوبهم تهلع حتى أن منهم من بدأ بحزم أمتعته وترك القرية فورا ، وعائلة المرزوقي تستعد لاستقبال شيوخهم والكل مترقب لما سيحدث ، ولكن إذا بصوت عال يقبل وينادي في الناس ،

نظر الجميع لمصدر الصوت فإذا به رجل من الذين ذهبوا لاستدعاء الأرقاش ، جاء يبشر بقدومهم ، دخل الأرقاش والذين لم يرهم أحد من أهل القرية . لا ينظرون لأحد وهم سائرون ، أناس يرتدون زي الفرسان ويمتطون جيادا بيضاء ناصعة البياض، وجوادا واحد أسود بينهم وكأنهم من جيوش المسلمين في عصور الفتوحات ، لحاهم ناصعة البياض عددهم عشرة يتقدمهم كبيرهم ولولا أنه يتقدمهم ويمتطي الجواد الأسود لما عرف أحد أنه كبيرهم من شدة تقاربهم في الصفات الجسمانية والملابس واللحى حتى سيوفهم المدون عليها آيات من القرآن جميعا متطابقة وكأنها نسخة مكررة كما أنهم يحملون سياط غريبة الشكل والهيئة، الكل تجمع حولهم وبدأ كبيرهم يتحدث إلى الناس في صرامة وحزم : 

على الجميع دخول بيوتهم ولا يخرج أحد من بيته نهائيا الليلة إما منصورون بإذن الله على هؤلاء أو ميتون ، فادخلوا بيوتكم واجتهدوا في الدعاء لنا .

الكل دخل بيته وأحكم أقفاله على بابه ، ولكن بعضا من الناس صعدوا على أسطحهم كي يشاهدوا ما سيحدث ، تجمع العشرة رجال ورسموا دائرة حول كبيرهم وتهامسوا فيما بينهم وبدأوا جميعا يرتلون أيات من القرآن في صوت واحد وكأنهم واحد فقط يرتل ، وبينما هم كذلك إذ خرج كبير عائلة المرزوقي يعترض طريقهم ومعه بعض شباب العائلة يحملون بنادقهم وكذلك دجالان يرتديان زي أهل المغرب بل هما من المغاربة الذين تحدث عنهم كبير عائلة المرزوقي وقال سيأتي بهما ، الأرقاش لم يقطعوا قراءتهم ولكن كبيرهم خلع سوطه ولوح به في الهواء وأطلق صوت طرقعة عالية وأضاءت في الجو نورا ، فإذا جميع من أمامه صرعى على الأرض وانطلقوا ناحية الأرض وظهر هذه المرة عدد كبير من الأشباح وكأنهم النار على هيئة أجساد غريبة لها قرون وأنياب ويمسكون في أيديهم حراب غريبة الشكل مشتعلة بأكملها وكمية رهيبة من الخفافيش طارت لأعلى ، واندفعت نحو الأرقاش الذين شكلوا سهما رأسه الجواد الأسود وخلفه بقية الرجال ، وكلهم يلوحون بسياطهم فإذا تلك الخفافيش تتحول لدخان عاد للحفرة مرة أخرى ، بدأ عدد كبير من الأشباح يخرج ولكن اندفع بسرعة هولاء القوم واستلوا سيوفهم وبدأت معركة ضارية بين الفرقتين وسيوف الأرقاش تعلوا وإذا لمست أحد من تلك المخلوقات يتحول لدخان ويعود للحفرة ويخرج غيره وغيره وغيره ، الأعداد تزداد ولكن الأرقاش صامدون ولكنهم متعبون وبدا عليهم التعب من زيادة الأعداد حتى أنهم قطعوا تلاوتهم وانشغلوا بالقتال ، وفجأة تنبه إمام المسجد وتذكر أنه قرأ بالأمس فتضاءلت النيران ودخلت الحفرة ، فأسرع وقام بتشغيل المكبر وبدأ في التلاوة وأتبعها ب الله أكبر ، الله أكبر حتى أن القرية جميعا قامت بالترديد " الله أكبر ،الله أكبر ، الله أكبر " والأرض تهتز بل القرية بأكملها الجميع يكبر خلف الإمام والوحوش بدأت تضعف قوتها وتساقط منها الكثير أمام الأرقاش ، وبدأوا يشعرون بضعفهم فانطلقت صرخات منهم وفروا ناحية الحفرة هاربين كل منهم يحاول الفرار من أمام الأرقاش ويضعون أيديهم على آذانهم إلى أن اختفى الجميع داخل الحفرة ، فأشار كبير الأرقاش لمن معه فحملوا باب الحفرة ووضعوه مرة أخرى والتف الجميع ورسموا دائرة حول الحفرة وأمسكوا أيديهم بأيدي بعض وظلوا يقرأون أيات من القرآن وسحب كبيرهم زجاجة كانت معه وسكبها داخل الحفرة وقاموا بردم الحفرة ثم وضعوا أكفهم اليمنى على الأرض وظلوا هكذا دقائق ، ثم كان منتصف الليل فعاد الأرقاش منهكين شديدي الإعياء ، وهم في طريق العودة كان كبير عائلة المرزوقي وشبابها مازالوا نائمين على الأرض ، فأشار كبير الأرقاش لمن خلفه فقام ثلاثة منهم بحمل الدجالين وكبير العائلة خلفهم على الجياد ، وانطلقوا صوب المسجد الذي كان الناس مجتمعين أمامه يستقبلون الأرقاش وينتظرون ماذا سيقولون ، وماذا سيفعلون بالثلاثة نفر ، اصطفوا أمام الناس وتقدم كبيرهم وبدأ في الحديث .

أما بعد ، قال تعالى " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" تركتم بين ظهرانيكم قوما يفسدون في الأرض ويستبيحون المحرمات ولم تمنعوهم أو حتى تبلغوا عنهم اعتقدتم أنكم سالمون طالما تسكتون ولكن أوشك أن يطولكم الدمار والخراب بسببهم. فعن رسول الله ﷺ أنه قال : إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه " كيف تركتم أولاد المرزوقي يصلون لهذه الدرجة من الإجرام والإتجار في المخدرات والتعدي على حقوق الآخرين ووقفتم تشاهدون ؟!! أنسيتم أنكم جميعا في سفينة واحدة ؟ وإذا خربت هلك الجميع فعن النبيِّ ﷺ أنه قَالَ: مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ اللَّه، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا" 

توبوا إلى ربكم وارجعوا له أما هؤلاء الثلاثة نفر فسنأخذهم معنا لأنهم لا يريدون إلا الفساد ، عودوا إلى ربكم وحافظوا على صلواتكم واتلوا كلام ربكم ولا تهجروه ، ربوا أولادكم على طاعة ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم . وانطلق الأرقاش حتى اختفوا في الظلام ناحية الجبل ورجع الجميع إلى بيوتهم وكلهم يرددون " أستغفر الله وأتوب إليه.



تعليقات

عدد التعليقات : 0