حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية (إحدى مناطق السودان
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
... متشرد عجوز لا يجد ما يأكله وليس له مكان يبيت فيه في لحدى المدن الكبرى كان يجلس على رصيف محطة القطار طوال النهار مسنداً ظهره على مبنى المحطة ملتحفا ببطانية عتيقة ومتدثرا بالكثير من الملابس الرثة ليقي نفسه من برد الشتاء
لم يكن يسأل أو يستجدي من أحد قط بل كان بعض المارة يلقون له أحياناً ببعض القطع النقدية لكنه لم يكن ينظر إليهم أو يشكرهم على إحسانهم..
لم يتكلم العجوز مع أحد ولم يتشارك مع المتشردين الآخرين فكان وحيدا قليل الكلام والإهتمام فكأنه قد يأس من هذه الدنيا وينتظر موته ورحيله عنها في كل يوم..
لا أحد كان يكترث به وهو أيضا لم يكن يكترث لأحد
كان المسافرون يمرون به ويتخطونه وكأنه غير موجود لأنهم اختاروا أن لا يروه وكأنه حالة مشوهة أو قطعة قمامة يجب على المدينة التخلص منها لكن هذا الحال لم يزعج العجوز لأن كل ما يريده هو أن يتركه الآخرون بسلام الى أن تنقضي مدته في الحياة
وعند حلول الليل كان يأمل أن تكون هذه هي ليلته الأخيرة. لكنه كان يصحو في صباح اليوم التالي فيخيب أمله ويواصل عيش يومه مسندا بإحباط ظهره على جدار مبنى محطة القطار
وفي أحدى ليالي الشتاء وبينما كان العجوز يغلق عينيه ويسند رأسه على الجدار محاولا التغلب على البرد الذي بدأ يتغلغل الى مفاصله إذ فتح عينيه صدفة فشاهد فتاة صغيرة تقف مقابله تنظر إليه..
كانت الفتاة جميلة ورقيقة تزين شعرها ظفيرتين وتغطي رأسها بطاقية وتمسك دميتها الصغيرة بين أحضانها
العجوز قدر عمرها في الثامنة..
وقد إستغرب رؤيتها في هذا المكان وفي هذا الوقت من الليل أغلق عينيه وعندما فتحهما مجددا لم يرى الفتاة
نظر يمينا ويسارا لكنها لم تعد هناك
أعاد العجوز إغلاق عينيه ثم آوى الى النوم وهو يعتقد أنه قد رأى حلما أو أنه قد بدأ يصاب بالخرف بسبب تقدمه في العمر
لكن في الليلة الثانية تكررت لدى العجوز رؤية تلك الفتاة مرة أخرى إنها هي ذات الفتاة وبنفس التفاصيل التي شاهدها عليها ليلة الأمس إذن العجوز لم يكن يحلم ولم يصب بالخرف هكذا أقنع المتشرد نفسه
تحدث معها مع العلم انه لا يتحدث مغ احد
فقال لها :أين والداكِ؟؟
لم تتكلم الفتاة
تحدث معها مرة أخرى ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت؟؟
؟؟فلم تنطق أيضا
ثم سألها مرة اخرى أأنتي ضائعة
لكنها هذه المرة هزت رأسها بالنفي
فاضطجع العجوز وأغلق عينيه استعداداً للنوم وقال :
حسنا إن لم تكوني ضائعة فيجدر بك العودة للمنزل لايجدر بفتاة صغيرة مثلك أن تتجول لوحدها في هذا الوقت من الليل وفي مثل تلك الاماكن ثم فتح إحدى عينيه لينظر إليها فلم يجدها..
وفي الليلة التالية عاد العجوز ليلتقي بالفتاة مرةً أخرى لكنها أحضرت إليه هذه المرة كوب قهوة ساخن قدمته إليه..
فتناوله العجوز منها دون أن ينطق ثم قام باحتسائه..
بقيت الفتاة واقفة تنظر إليه لكنه كان يسند ظهره على الحائط كالعادة ينظر للأمام ولا ينظر إليها بانتظار أن تنصرف
فلما وجد أنها لا تزال واقفة فكر أن أسرع طريقة لجعلها تختفي هي أن يغلق عينيه..
وفعلا فعندما كان العجوز يغمض عينيه ثم يفتحهما يجد أن الفتاة قد اختفت ولا تعاود الظهور أمامه لباقي الليلة..
وهكذا تكررت زيارات الفتاة للمتشرد العجوز كل ليلة وفي كل مرة كانت تحضر له كوب قهوة ساخن فيأخذه منها ولا يشكرها كعادته مع الجميع..
ثم تقف عنده لا تتكلم ولا تنصرف حتى يغمض عينيه
وفي إحدى الليالي وكانت ليلة جمعة أحضرت له الفتاة الكوب كعادتها فأخذه وتطلّع إليه فإذا هو شاي وليس قهوة فقال بسخرية :ماذا حدث؟؟ هل تعطلت ماكنة القهوة؟؟
هنا أومأت الفتاة رأسها بالإيجاب
فاستغرب العجوز وقال :
لكن من أين كنتي تأتين بالقهوة؟؟ فلا توجد هنا مكائن قريبة للقهوة أشارت الفتاة الى مبنى بعيد مكون من أربعة طوابق فقال العجوز :لكن هذا المبنى بعيد ومستحيل أن تظل القهوة ساخنة طوال طريق جلبك لها..
لم تتكلم الفتاة كعادتها.. فاستلقى العجوز وانصرف للنوم..
وفي الليلة التالية. كان العجوز محتاراً في بطانيته فهي اليوم ممزقة ولن تقيه من البرد
وهنا حضرت الفتاة وإذا هي تحمل معها بطانية جديدة قدمتها للعجوز بدأ مندهشا وكيف عرفته انه يريد البطانية
فأخذها وتغطى بها فشعر براحة أكبر بكثير مما كان يشعر به مع بطانيته السابقة..
أراد شكر الفتاة لكنه أحجم عن قراره وبدلا من ذلك فقد تمدد وغط في النوم مهملاً الفتاة كعادته..
تكملة الجزء الثاني من هنا 👍