حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية (إحدى مناطق السودان
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
فتى، يبلغ من العمر حوالي اثني عشر عامًا، يرتدي ثياباً متواضعه وحذاء قديم، أكبر من قدمه، لكنه نظيف، علائم الفقر كانت ظاهرة على محياه وملبسه، دخل متجرًا ، واختار قالب صابون عادي وطلب من صاحب المتجر أن يحزمه له بورقة صر، ثم أضاف بفخر:- "إنه لأمي". تأثر صاحب المتجر ببساطة الهدية. نظر بعين الشفقه إلى زبونه اليافع، وشعر بتعاطف كبير معه، أراد مساعدته. كان يعتقد أنه يمكن أن يلف شيئًا آخر أكثر قيمة الى جانب قطعة الصابون البسيطة. ومع ذلك، كان مترددًا، نظر إلى الصبي، ثم نظر إلى الأشياء التي كانت معروضة على رفوف متجره، لكنه لم يستطع أن يتخذ قراراً حاسماً. "هل يترتب علي أفعل ذلك أم لا؟ هل سيكون فعلي ملائماً أم أني ساجرحه"، كان الرجل يسأل نفسه، فيجيبه قلبه "نعم .. افعل!"، ولكن عقله يمانعه.
لاحظ الصبي تردد الرجل، واعتقد أنه يشك في قدرته على دفع قيمة قالب الصابون. فمد يده إلى جيبه، وأخرج منها كل القطع الماليه المعدنية التي كانت بحوزته، وكان عددها بسيط، ثم وضعها على المنضدة.
بينما الصراع العقلي مازال مستمراً لدى الرجل، لقد توصل بالفعل إلى استنتاج مفاده أن الصبي، لو إستطاع فإنه كان سيشتري شيئًا أفضل وأغلى قيمة لوالدته. لقد تذكر والدته. لقد كان فقيرًا تماماً كهذا الصبي عندما كان بعمره، وفي كثير من الأحيان، أثناء طفولته ومراهقته، تمنى هو أيضًا أن يقدم شيئًا لأمه. حالما حل الوقت الذي حصل فيه على أول وظيفة له، و حصل على أول أجر، كانت والدته قد غادرت بالفعل إلى عالم الأرواح. من خلال هذه اللفتة الإنسانيه للطفل، تأججت مشاعر الرجل حتى أعماقه.
إما الصبي، فقد بدأ القلق يساوره ويخلط عليه الأمور، فيتقاطع لديه شعوران أو أكثر، شفقة الرجل، انعدام ثقتة بالصبي، سوء إختياره!!. فسأل الرجل بلهجة لا تخفي قلقه :- "سيدي، هل هناك خطب ما؟ هل نقودي لا تكفي؟" فأجاب صاحب المتجر على الفور :- "لا، لا يا صغيري، ولكن لفتتك النبيلة تلك، أججت مشاعري و ذكرتني بأمي و بطفولتي". ثم تابع :-"لقد توفيت أمي عندما كنت صغيرا جدا، لطالما تمنيت أن أقدم لها هدية، لكنني كنت عاطل عن العمل، لم أتمكن من شراء أي شيء لها".
بعفوية الاثنتي عشرة ربيعاً سأله الصبي: - "ولا حتى قطعة صابون واحده؟".. بقي الرجل صامتاً و قام بلف قطعة الصابون البسيطه تلك، بأفضل نوعية ورق لديه في المتجر، وربطها بشريط ملون ، صانعاً عقدة لطيفه أشبه بوردة جميله على هديته، وقدمها لزبونه الشاب و ودعه دون أن يعلق بكلمة واحده.
خرج الصبي من المتجر وترك الرجل وحيداً، غارقاً بأفكاره، كيف أنه لم يقدم لوالدته شيئًا صغيراً وبسيطًا، كما فعل هذا الصبي للتو؟ كان يعتقد مخطئاً أن الهدية دائماً، يجب أن تكون شيئًا مهمًا و ذو قيمة مرتفعه، لدرجة أنه قبل بضع دقائق فقط، شعر بالأسف لهدية الشاب التي اعتبرها هو متواضعه وفكر في تحسينها، برفع قيمتها أو إضافة شيء قيم لها .. ثم تمتم بصوت منخفض :-"يا لحماقتي!".
أيقن أنه قد تلقى درسًا رائع جداً في ذلك اليوم. لقد كان قالب صابون الصبي مصحوبًا بشيء أكثر أهمية وقيمة بل وفخامه، لقد كان مرفقاً بأفضل الهدايا، (حبه) الخالص والنبيل. الهدية لا تهم بقيمتها المرتفعة، ولكن رمزها يكمن بالمحبة التي ترافقها من قلب واهبها.