حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية (إحدى مناطق السودان
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
قصة ترويها صاحبها بكل الآلم وحكاها أحد الشيوخ فتمزق قلبي وانا استمع لها .
لأ اتمنى تمزق قلوبكم ولكن لو سمعتموها كما سمعت لبكت عيونكم حتى أشفق عليكم الدمع من البكاء.
تبدأ القصة مع سيده تزوجت حديثا من ضابط شرطة ذو منصب وعائلة، ولأنها هانم لا تود القيام بالأعمال المنزليه فأرادت خادمة ولكن أجور الخادمات مرتفعه وهما في بداية حياتهم، كما أنها لا تود امرأة كبيرة أن تكون في منزلها وزوجها شاب .
قإقترح عليهم البعض جلب فتاة صغيرة تعمل كخادمة لأن أجرها منخفض ويسهل التحكم بها.
وبالفعل بعد فترة أحضر لهم الوسيط فتاة تبلغ التاسعة أو العاشرة من عمرها وقال لهم: لقد أحضرت لكم فتاة من الارياف (أي من القرية) لتكون كالقطة العمياء بين ايديكم واهلها فقراء للغاية ويمكنكم التحكم بها كما شئتم.
ومنذ هذه اللحظة كانت شقتنا لها كسجن من الأشغال الشاقة، عليها القيام بكل اعمال المنزل وهى في هذا السن الصغير فتطبخ وتغسل المواعين وترتب المنزل وكل شئ عليها هى فقط.
ولو قصرت في أي عمل اعاقبها ويعود زوجي ليعاقبها عقاب أشد وانا أشاهده بدون تأثر .
لم تستطع الفتاة تحمل كل ذلك فبدأت تترجى الجيران أن يرسلوا لعائلتها رسائل تشكو لهم بها عذابها في هذا المنزل ولم نعلم نحن بذلك إلا عندما وصلت لنا رسالة من عائلتها تقول لها: اصبري قليلا وبعد عام سيعود شقيقك من الخارج(السفر )وسيحضر معه مال وفير وسوف نستغني عن راتبك وتعودي للمنزل.
عندها ضربها زوجي بعنف لأنها فعلت ذلك فأصبحت تخاف منه بشكل رهيب ومن حينها أصبح يعاملها كالمجرمين الذين يقبض عليهم في قسم الشرطة.
وتمر الايام ولم يعود شقيقها من الخارج بعد وانا رزقت بطفل ثم الثاني وكلما زادت المسؤلية فوق رأسي ألقي بها عليها واجعلها تعتني معي بالاطفال فتغير لإبني الحفاضات وتجهز له الرضعة في الليل وإلى ما لا ينتهي من أعمال.
فلم تتحمل الفتاة كل ذلك من الأعمال ومن الضرب والسب من زوجي ولأنها كانت قد كبرت فقررت الهروب من شقتنا، وعندما استيقظا ولم نجدها واكتشفنا أنها هربت اتصل زوجي فورا بأحد اقاربنا الذي كان يعمل ضابط مرور في أحد نقاط مرور الشرطة الذي ستمر عليه الفتاة وهى عائدة إلى دار أهلها في القرية.
لاننا توقعنا أنها تهرب لكي تعود لمنزل عائلتها فليس لها مكان أخر تذهب إليه وبالفعل أمسك بها الضابط في نقطة المرور في أحد سيارات الأجرة المسافرة وإعادها لنا فإستقبلناها بحفلة من الضرب والتعذيب مني ومن زوجي حتى لا تفكر في الهرب مجددا .
فأصبحت كالعبيدة بيننا تحلم بالحرية عندما يعود شقيقها من الخارج وعندما عاد شقيقها من السفر عاد وهو جثة هامدة، أجل لقد توفي شقيقها وتوفي وقتل معه أخر أمل لها للتخلص من هذا العذاب الأبدي .
وفقدت الأمل وأصبحت تخاف منا أكثر فتنفذ كل شئ وكنت استغلها في كل لحظة فإرسلها لتذهب بأطفالي للمدرسة وتحمل الحقائب وتعود للمنزل فتقوم بالأعمال كلها ثم تركض مرة ثانية للمدرسة لتأتي بإبني من المدرسة .
وتظل في هذه الدوامة طوال اليوم بل طوال الشهر وطوال العام، وكل هذا لم يكن كافي لزوجي الذي كان يهوى تعذيبها وضربها بسبب أو بدون سبب ويقلده إبني في ذلك.
حتى تدهورت صحتها من كثرة الضرب ولكن الغريب في الأمر أن نظرها بدأ يضعف ثم أصبحت كالكفيفة تخطئ في كل شئ فارسلتها لطبيب لأتأكد هل تتظاهر بذلك لكي نتركها ام ماذا؟
وما هى إلا عدة أيام حتى أخبرني الطبيب بأنها فقدت البصر بسبب تعرضها لضرب مبرح في الرأس وفي عيونها مما تسبب في....
وظل يشرح لي حالتها الطبية وأنها لا أمل من حالتها في الشفاء من العمى الذي أصابها.
وما المشكلة في ذلك؟
فليصيبها العمى فزوجي أصبح ثري ويستطيع أن يحضر لي خادمتنان بدلا منها، ليس فقط واحده كما أنه أصبح رجل كبير وليس شاب فأخاف من أن ينظر للخادمة لو كانت جميلة.
فأخذها زوجي وألقاها في أحد دور رعاية المكفوفين بشكل موقت إلى أن يخبر عائلتها بذلك فيحضروا لإصطحابها إلى منزلهم.
ولم افكر فيها مرة أخرى بل نسيتها أنا وزوجي وكنا سعيدان بالتحضير لحفل زفاف ابننا لقد كبر وأصبح عريس وتزوج وانشغلنا في افراحنا وترقية زوجي أكثر وأكثر في منصبه بينما كانت زوجة ابني تضع مولودها الذكر الاول حفيدي وحفيد زوجي .
واقيم للمولود سبوع فخم وتمر الأشهر وتأتي زوجة ابني وهى تصرخ وتبكي فسألتها: ماذا هناك ؟ هل ابني حدث له مكروه؟
فبكت وقالت: بل ابني انا لا يستطيع الرؤية أنه لا يراني .
لم اصدقها أنا أو زوجي فيما تقول فذهبنا بالطفل لطبيب لفحصه وبعد عدد كبير من الفحوصات والأطباء والادوية أكد لنا الطبيب أنه لا أمل في شفاءه من العمى وسيظل باقي حياته كفيف .
وانجبت زوجة ابني طفل ثاني وثالث ليصبح لدينا ثلاثة أطفال مكفوفين لم يرى واحد منهم النور يوما.
فإصيب زوجي بحالة نفسيه من الحزن على أحفاده وتدهورت حالته الصحيه وحاول الأطباء مدواته وفشلوا حتى توفي من شدة الحزن.
عندها جلست أفكر ماذا فعلنا ليحدث لنا كل ذلك؟
ورأيت حفيدي وهو يسير فيتعثر ويقع فيبكي فتذكرت الخادمة التي تسببنا أنا وزوجي في فقدانها لبصرها، فأرسلت إلى عائلتها أن ارسلوها لي وكان ردهم أنهم لم يستطيعوا أن يعتنوا بها بعد أن أصبحت كفيفة ومريضه فعادوا بها إلى أحد الجمعيات الخيرية لتعتني بها.
وكلما ذهبت إلى أحد هذه الجمعيات تخبرني أنهم ارسلوها إلى جمعية أخرى.
وظللت ابحث عن ذنبي الذي على قيد الحياة ليسامحني قبل أن يموت هو او اموت انا كما مات زوجي، وفتشت في وجوه المكفوفين وجه وجه حتى رأيت وجهها وهى لا تراني فصحت بها اناديها وما أن سمعت ندائي حتى سعت لي وهى تقول: هذا صوت سيدتي، سيدتي .
فبكيت وقبلت يدها واخذتها من الجمعية الخيرية معي إلى منزلي ووضعتها بين احفادي لاعتني بها واخدمها ما بقى من حياتي حتى يغفر ذنبي ويقبل الله توبتي وظلمي لها.
وظلت أنظر لها وهى لا ترى، لقد ذهب بصرها وظل بصري لأرى ذنبي بإم عيني في كل يوم صباحا مساء وفي كل لحظة وكل دقيقة وثانيه بل وأقسى من ذلك في احفادي .
ولو كنت قد بكيت مثلي فستبكي أكثر عندما قال الشاعر هذه الأبيات وهو يرى طفل كفيف يمشي في الشارع فتعثر وسقط فضحك عليه الاطفال وبكى الطفل الكفيف.
فقال الشاعر.
اماه ما شكل السماء وما الضياء وما القمر .
يتحدثون بجمالها يتحدثون ولا أرى لها من أثر.
يمشي الصغار ويضحكون ولا ضرر .
وانا ضرير جالس في عقر بيت مستمر .
أمشي اخاف تعثرا وسط الظلام او السحر.
وإذا رأوني عاثرا ضحكوا وقالوا قد عثر..
اماه ما قلتي اي الدموع التي تجلي النظر.
اماه أشعر انني ابكي فهل دمعي ظهر؟
اماه ضميني إليك فليس غيرك من بشر.
اماه أشعر انني ابكي فهل دمعي ظهر؟
اماه ما شكل السماء وما الضياء وما القمر .