حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية (إحدى مناطق السودان
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
قصة حقيقية حدثت في جمهورية السودان لمعلم في منطقة المناجيل الريفية …
قصة قصيرة
كانت امنيتها ان ترزق بطفل لقد مر على زواجها ثمان سنوات و لم تنجب
و ما زادها أملا في انجاب طفل هو ذاك الحلم الذي يراودها من حين الى آخر
انها ترى نفسها مع زوجها و بينهما طفل ذي ست سنوات يملأ البيت فرحة
و كان للطفل في احلامها شبه و تعلق بأبيه
و في المدرسة التي تدرس فيها نادية حدث معها أمر غريب جدا فقد شاهدت طفلا يحمل ملامح الطفل الذي كان يأتيها في أحلامها فلم تصدق عيناها ما رأت هل هي مصادفة ؟
فتعلق قلبها بهذا التلميذ و قربته اليها و تعرفت عليه فوجدته ينتمي الى اسرة فقيرة جدا
قررت يوما ان تزور بيته و هي تحمل في يدها هدايا لتقدمها له
لما دخلت البيت الذي يسكنه الطفل وجدته يعيش رفقة جدته و حدث تعارف بين نادية و تلك الجدة
فقالت الجدة انها تكفلت بالطفل يوسف بعد وفاة امه رقية التي هي ابنتها الوحيدة
و عرفت نادية العجوز بنفسها
لما عادت نادية الى بيتها و صارت تتحدث مع زوجها عن لقائها باهل ذلك الطفل و قد كان زوجها من قبل متعجبا من حكايته
و اثناء سماعه لها لاحظته يرتبك و تغيرت ملامحه كان ذلك عند سماعه لاسم أم الطفل و اسم جدته
كان يبدو لها انه يخفي شيئا فتساءلت عن ذلك
لم يجد بدا من اخبارها و قد بدا عليه توتر و اهتمام اكبر بموضوع الطفل
اخبرها زوجها بحادثة مرت منذ سنوات لقد تزوج من موظفة لديه بالشركة ثم طلقها بعد شهر و لم يعرف عنها شيئا بعد ذلك حيث تركت العمل
كانت نادية تعرف بزواجه عليها و طلاقه لزوجته الاخرى لكنها لم تعرف ان زوجته اسمها رقية
لقد تبين الآن ان الطفل ولدته زوجته الثانية و اخفوه عنه رغم ان امه توفيت بعد ولادته بسنة
فقررت نادية و زوجها الذهاب لبيت الطفل لمواجهة جدته بهذه الحقيقة
لكنهما لما وصلا البيت لم يجدا الجدة و الطفل و قال جيرانهم انهم رحلوا عن البيت
لقد عرفت الجدة ان نادية هي زوجة والد الطفل فخافت ان يأتوا لأخذه منها فهربت من وجههم
سافر زوج نادية الى حيث يقطن اخ زوجته السابقة في مدينة مجاورة لمواجهته و عسى أن يجد الطفل عنده
و كانت احدى زميلات نادية من اهل قرية ريفية فاخبرتها أن للعجوز اختا تقيم في قريتهم
فتوجهت معها الى تلك القرية لعلها تجد العجوز مختبئة بالطفل هناك و كان هذا الاحتمال يبدو اكبر
و لما طرقتا باب اخت العجوز ليسألاها انكرت وجود العجوز عندها
لكن اهل القرية أطلعوا نادية و زميلتها بانهم رأو تلك العجوز في قريتهم و رأوا معها الطفل ايضا فما كان من نادية الا البقاء في بيت صديقتها حتى ينجلي الامر
ثم علم صهر العجوز بأمر الطفل و من يلاحقه و عرف ان والده و لابد سيأخذه في النهاية و كان يتبع عصابة اشرار ففكر في ان يختطف الطفل ليطلب من اهله دفع فدية مالية
لكنه ما كان لينفذ هذه الخطط من دون مساعدة شريكه في الجرائم
فقام مع اعوانه بخطف الطفل و احتجازه بمكان بعيد عن الاعين
ثم اتصل هاتفيا ببيت زميلة نادية و هو يعلم انها هناك
و طلب دفع فدية مهددا بقتل الطفل
و سارعت نادية لاستجابة الى كل ما يطلبه لانقاذ الطفل و هي في توتر و خوف على حياته
و جلبت المال المطلوب و قد اتفق الطرفان على ان يكون مكان التسليم و الاستلام خارج القرية في مكان و زمان محدد
و انطلقت نادية و زميلتها بالسيارة و قفتا تنتظران في المكان المقصود و في حوزتهما المال المطلوب
لكن تأخر افراد العصابة عن المجيء في الموعد المحدد بالساعة العاشرة صباحا
كانت السيارات تمر بالطريق و نادية تراقب مرور سيارة الخاطفين حيث كان قد اطلعها الخاطفون بنوع و لون السيارة و انها حينما تراها متوقفة سيتوجه اليها احد عناصر العصابة ليستلم منها النقود بعدها يتركون لها الطفل و يغادروا
و بعد لحظات بلغ نادية نبأ سيء لقد وقع حادث مرور لسيار اصطدمت بشاحنة و كانت تسير من نفس الطريق الذي سيمر منه الخاطفون بسيارتهم
ثم تحققت مما سمعته من الناس أن الحادث قد وقع لسيارة الخاطفين و قد مات افرادها و كانوا يحملون معهم طفلا اصيب بجراح خطيرة للغاية و نقل الى المستشفى و وقعت نادية من هول المصيبة و شدة الصدمة التي لم تتحملها
و سارعت نحو المستشفى للاطمئنان على حالة الطفل يوسف
فوجدته على السرير و قد ضمد الاطباء جراحه و قد بدت حالته خطيرة جدا
و لف وجهه بالضماد و قد اصيب بتهشم بالغ لم تتمكن نادية من النظر الى ذلك الوجه البريء المنكسر
انهارت نادية امام هذا المشهد المروع و عيناها لا تتوقف عن البكاء
و ظلت قرب الطفل تدعو الله ان يقيمه بالسلامة و ذلك رغم ان الطبيب اخبرها بأن حالته ميئوس منها
و مرت العجوز جدة يوسف بالمستشفى لترى حال الطفل من بعيد دون ان تقترب من نادية القابعة عنده
دمعت عينا العجوز للمشهد و لم تتحمل ما ترى فسارعت بمغادرة المستشفى و عدم البقاء
ثم نقل الطفل الى العناية المركزة و منع من الدخول اليه
و ظلت نادية تنتظر جالسة في المستشفى محنية الرأس و هي في حزن عميق و قد تلاشت كامل قواها
ثم فجأة أحست بيد تلامس كتفها
انها يد طفل
من يكون ؟
و اذا بعيني نادية تبصر أمامها وجه الطفل يوسف و هو بكامل صحته و عافيته و هو يجلس معها
كانت مفاجأتها به عظيمة و لم تصدق ما رأت لولا انها احتضنته و تحسست انه حقيقة و ليس حلما
هل عاد للحياة ؟
بل لم يكن ذاك الطفل الجريح يوسف
عندما سألت نادية يوسف كيف جئت إلى هنا وحدك فاجابها بأن جدته هي من احضرته و قالت له اذهب الى نادية ثم علمت من الطفل انه ظل محتجزا في مكان مجهول إلى ان تمكنت جدته من الوصول الى ذلك المكان و انقاذه من الخاطفين
لكن ما قصة ذلك الطفل الذي تعرض للحادث مع افراد العصابة ؟
لقد حضر زعيم العصابة و علم بما هم مقدمون عليه و رأى ان المبلغ المطلوب قليل و ان رفقاءه اخطأوا في تقدير مقدار الفدية و قال لهم كان عليكم طلب مبلغ اكبر بكثير و ذلك لعلمه ان اهل الطفل مستعدون لدفع مبلغ اكبر و لاسيما ان والده غني و يدير شركة
فقرروا ان يبقوا على نفس الخطة ليحصلوا على المبلغ المتفق عليه اولا و بعدها يساوموا على المبلغ الكبير
لكنهم قرروا اخذ طفل آخر بنفس سن و طول يوسف و يلبسوه لباس يوسف و يضعون على رأسه قبعة و عندما يعرضوه على نادية من مسافة فلن تكتشف خدعتهم و ستسلمهم النقود
اما تراجع العجوز عن الاحتفاظ بالطفل فقد لاحظت حرص نادية و حزنها على يوسف و شعرت انها لو ابقته معها ستكون ظالمة له لانها حرمته من ابيه و من رفاهية العيش و من امرأة طيبة حنونة ترعاه كولدها
لقد رأت ان نادية تستحق ان تكون اما ليوسف من صدق مشاعرها نحوه .